معالجة قضايا العنف في الصحافة اليمنية
##plugins.themes.bootstrap3.article.main##
الملخص
شهدت بحوث إعلام الأزمات زيادة مطردة، رغم الانتقادات التي وجهت لها في دراسة الأساليب التقليدية لمعالجة وسائل الإعلام للأحداث والأزمات من خلال مرحلة نشر المعلومات وتدفقها في بداية الحدث، ثم تفسير المعلومات والبيانات، ثم مرحلة تكييف ما بعد الأحداث دون دراسة للأطر التي تستند إليها وسائل الإعلام في معالجتها للأحداث والتي تعد متغيرات مهمة في التأثير على مضمون المعالجة، وإدراك الجمهور وتوجهاته نحو تلك الأحداث.
ولم تحظ بحوث الأطر الإعلامية وعلاقتها بمضمون المعالجة الإعلامية للأحداث، والأزمات الطارئة باهتمام ملحوظ من قبل الباحثين إلا في أواخر الثمانينيات، وأوائل التسعينيات من القرن الماضي بسبب تزايد الأحداث والأزمات الدولية، وتطور تقنيات الاتصال التي انعكست إيجاباً على وسائل الإعلام في تطور أساليب معالجتها للأحداث، وسرعة الحصول على المعلومات، ولا تزال هذه الدراسات حول نظرية الأطر الإعلامية تشهد اهتماماً من الباحثين في مجال دراسات التأثير، والرأي العام،والاتصال السياسي، حيث وجدوا فيها مدخلاً نظرياً ومنهجاً ملائماً لدراسة مضمون الخطاب الإعلامي في وسائل الإعلام المختلفة خصوصاً في القضايا والأحداث السياسية([i]).
وتشير نظرية تحليل الأطر الإعلامية إلى أن الأحداث مهما تقاربت سماتها لا تنطوي في حد ذاتها على مغزى معين يمكن تعميمه على كل الأحداث المشابهة، وإنما تكتسب مغزاها من خلال وضعها في إطار يحددها، وينظمها، ويضفي عليها قدراً من الاتساق من خلال التركيز على بعض جوانب الموضوع وإغفال جوانب أخرى.
وقد مرت بحوث نظرية تحليل الأطر الإعلامية ( Theory Framing Analysis) بثلاثة مستويات رئيسة، ركز المستوى الأول على دراسة الأطر الإعلامية التي توظفها وسائل الإعلام في تناولها للأحداث والقضايا المختلفة، فيما اتجه المستوى الثاني إلى الدراسات التجريبية التي تبرهن على وجود تأثيرات للأطر الإعلامية في معارف المبحوثين واتجاهاتهم عن طريق التوصل إلى دليل تجريبي، فيما تمحور المستوى الثالث في دراسة العلاقة بين الأطر الإعلامية للقضايا المثارة وتبني الرأي العام لهذه الأطر في تفسير هذه القضايا.
ولأن وسائل الإعلام تمثل المصدر الرئيس الذي يستقي منه الجمهور المعلومات عن الأحداث خاصة في ظل ظروف عدم الاستقرار والصراع، وأعمال العنف والكوارث والأزمات الطارئة لإيجاد التفسيرات الملائمة لهذه الأحداث، فإن ذلك يتطلب دوراً أكثر فاعلية لتلك الوسائل في تقديم معالجة إعلامية متميزة من خلال حجم ومضمون المعلومات المقدمة للجمهور.
وتعد أحداث الأزمة السياسية التي مرت بها اليمن خلال عامي 2011م و 2012م من أبرز الأحداث التي شغلت اهتمام وسائل الإعلام بشكل عام، والصحافة بشكل خاص خلال هذه الفترة، حيث احتلت هذه الأحداث بؤرة اهتمام وسائل الإعلام، رغم تباين وجهات النظر حيالها، وتفاوت ردود الفعل تجاهها وقد عملت الصحف اليمنية في إطار سعيها للتفاعل مع هذه الأحداث على تقديم معالجات صحفية متعددة تناولت مختلف جوانب هذه الأحداث.
وتأتي أهمية دور الصحافة في بناء مدركات الجمهور تجاه الأحداث تبعاً لطبيعة ممارسات الصحف، التي لا تعمل من فراغ، وإنما تستند فيما تقدمه من معالجات صحفية إلى أطر مرجعية توجه طبيعة ممارساتها الصحفية، وتتنوع هذه الأطر التي تعد بمثابة المتغيرات المستقلة لتشمل النظام السياسي السائد الذي يحدد مدى استقلال وسائل الإعلام، كما تشمل هذه الأطر المعتقدات والقيم السائدة في المجتمع، إضافة إلى طبيعة النظام الاتصالي السائد في المجتمع، بما يشتمل عليه من سياسات ونظم صحفية.
لذا تأتي دراسة المعالجات الصحفية التي قدمتها الصحف اليمنية لهذه الأحداث في مراحلها المختلفة، وما أعقب تلك الاحداث في ضوء الإطار الذي يحكم الممارسات الإعلامية في اليمن، بهدف التأكد من مدى اتساق ممارسات الصحف اليمنية مع قيم المجتمع وأطره المرجعية، وما يتطلبه الأداء المهني تجاه الاحداث والأزمات التي مرت بها اليمن.
أهمية الدراسة:
تكتسب أهمية هذه الدراسة للاعتبارات الآتية:
1-تعد هذه الدراسة إحدى الدراسات النادرة التي تستهدف تشخيص المعالجات الصحفية لقضايا استخدام لغة العنف والكراهية والحرب في الصحافة اليمنية، ومدى اتساق ذلك في الإطار الإعلامي الذي تستند إليها الممارسات المهنية لهذه الصحف.
2-التأكيد على مدى التفاعل بين وسائل الإعلام اليمنية وجماهيرها أثناء وقوع الأحداث والأزمات الطارئة.
3-الأهمية الخاصة لموضوع الدراسة المتمثل في أحداث الأزمة السياسية وتداعياتها التي مرت بها اليمن، حيث احتلت هذه الأحداث أهمية كبرى على المستوى المحلي والعربي والدولي.
[i]-خالد صلاح الدين حسن علي، دور التلفزيون والصحف في تشكيل معلومات واتجاهات الجمهور نحو القضايا الخارجية، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية الإعلام، جامعة القاهرة، 2001م ص38-40.
التنزيلات
##plugins.themes.bootstrap3.article.details##
تلتزم مجلة الدراسات الاجتماعية رخصة مؤسسة المشاع الإبداعي من فئة (CC BY)، والتي تتيح إعادة استخدام البحث بأي شكل من الأشكال شريطة الاستشهاد بالمؤلف (المؤلفين) والمجلة. وتعتبر المجلة أن المؤلف (المؤلفون) موافق على هذه السياسة بمجرد تقديم البحث للنشر.